◤ المَخَذُولَة

جميع البشر يندبون سوء حظهم … أما أنا فأندب سوء حظي كما تندب قوقعتي حظها مع البقية.. من كان يدري بأنني سوف أُرمى في جسد سيء الحظ منزوي على نفسه محاط بأربعة جدران داخل مكعب بلا نافذة؟ كما أنني أشعر بأن قوقعتي أصبحت ضيقة جدا في الفترة الأخيرة.. صحيح.. اعلم تماما بأني ازدت وزنا، لكن اعلما أيضا بأن قوقعتي تنكمش أكثر من المعتاد أيضا ولن احتمل بقائي داخلها أكثر.

دارت بيننا حوارات عديدة.. أصبحت اعي كُرهها لنفسها جدا… هل لأنها أصبحت واعية تماما بأني داخلها؟ هل هو بسبب حوارنا الأخير؟  لأنها علمت لماذا وجدت داخلها ؟… لأنها حفظت أسباب وجودي عن ظهر قلب؟ لأن أسباب وجودي داخلها تطابق قائمة امنياتها التعيسة داخل مذكراتها التي تراكم الغبار عليها؟

اعترفنا لبعضنا بأننا ثنائي سيئ الحظ.. أخبرتها بأني أعرف روحا كانت لتكون توأمها المثالي.. لربما كانت روحا تكفك دموعها ليلا.. أو حتى روحا لن تجعلها تبكي.. روحا متصالحة مع قوقعتها.. لربما لو كُنت تلك الروح لما كُنا نحن الاثنتان تعيستان… في بعض مرات بكائها حاولت مواساتها… لا أعلم لما احسست بواجب مُواساتها أصلا.. هل لأننا كبرنا معا؟ هل لأنها تبكي جزئياَ بسببي؟ لا أعلم.

على أية حال أخبرتها بأنه ربما يجب علينا الانتظار قليلا أيضا قبل أن نودع بعضا البعض إلى الأبد…أخبرتها بأن هناك وقت قليل متبقي قبل الفراق.. رغم أننا عرفنا بعضنا لـعشرون سنة.. تلك فترة معيشة طويلة لروح مثلي مقارنة بسنوات عمرها.. فالقواقع على حد علمي تعيش حتى عمر الثمانين على اقل تقدير.

إذا كانت حساباتي صحيحة فلدينا فترة من الوقت لربما قد أستطيع تحقيق شيء أخير.. شيء لأخذه معي للعالم الاخر… للعالم الذي أستطيع ان أكون نفسي بلا قوقعة.. عالم للأرواح المنسية.. للأرواح التي خُذلت.. للأرواح التي تُريد أن تحيا بلا قواقع.. أرواح منسية…صحيح بأنني اصفها هكذا لكنه أيضا عالم الأرواح المخذولة … جميع الأرواح تُولد أمِله ان تكون داخل قوقعتها للأبد…لكن في حالة الأرواح التي في مثل حالتي…الأرواح التي لم تحقق شيئا يذكر من قائتها… الأرواح التي خذلتها قواقعها.. ترسل إلى هناك لتحققها بنفسها.

بعيدا عن مشاكلي مع قوقعتي… أنا نفسي أصبحت أشك بمقدرتي على الذهاب إلى عالم الأرواح المنسية.. وزني قد ازداد.

ربما لم تفهموا ما أقصد، نحن الأرواح لنا أوزان مختلفة اعتماداً على قواقعنا المُقدرة وقائمة الأمنيات, ازدياد الوزن داخل القوقعة مؤدٍ فقط لمكان واحد… عالم الأرواح المنفية… الأرواح التي خذلت قواقعها وليس العكس… الأرواح التي طالت قائمتها عن المُقدر بعد مُكوثها في القوقعة.. الأرواح الجشعة كما يقولون… تلك الأرواح التي خانت قوقعتها.. الأرواح الحرة أصلا.

يقولون بأن الأرواح الحرة تولد داخل عالم الأرواح المنفية… أرواح لا تصلح للعيش داخل القواقع… جميع الأرواح التي عاشت خطأ داخل قوقعة دمرتها… هي تلك الأرواح التي لا تُحصر داخل حدود … أرواح مقدر لها ان تعيش وحيدة في عالمها الخاص … أرواح ذات قائمة خاصة لا تكُف.

هل أنا روح حرة داخل قوقعة؟

هل أنا سبب معناه قوقعتي وليس العكس؟

أتوقع بأن الإجابة واضحة…لكن الوقت قد فات.

 

---

مرحبا بعد فترة انقطاع طويلة جداً , إنقطاعي لم يكن عن هذه المدونة ايضا لكن عن جميع الأشياء التي قمت بتقديمها سابقا .. تصاميم .. تقارير .. و ايضا الكتابة .. اذا كانت حساباتي صحيحة فلم أكتب شيئاً منذ خمس سنوات .. فترة سيئة ابداعيا ربما ؟ لا أعلم لكن الكثير قد تغير .. ولن أقول بأن عودتي هذه سوف تكون طويلة ربما أنقطع ايضا لسنوات .. على أية حال سأقوم بزيارة كلما شعرت بأن هناك شيئا أربد تقديمه .. لنكف عن هذا الحديث ولنسأل ..

كيف كانت عودتي هذه المرة ؟ هل ما قدمته كان جيدا ؟

ماذا شعرت عندما قرأتم ما كتبته ؟ هل فهمت مغزى النص ؟

اتمنى ان تكتبوا عن شعوركم حياله

إلى لقاءٍ أخر يا أصدقاء .